إجابة علي السؤال: لماذا نجد صعوبة في الالتزام وتغيير الذات وكيف نتغلب على هذه المشكلة؟

ببساطة لأنها طبيعة بشرية .. اسمح لي أن أكون عميقةً بعض الشيء في الإجابة عن سؤالك من منظور أراه في الواقع هو الأساس لما يُحيُّرك ويراود خاطرك. نحن كبشر مهما بلغنا من الإلتزام لابد لنا من التعثُّر في منتصف الطريق و الإنجذاب للمشتتات والمُغريات لأننا كائنات تفاعلية وذات عاطفة فلا نستطيع مثلاً البقاء في معزل عن العالم الخارجي تفادياً للإنجراف هنا وهناك لأنه سرعان ما يصيبنا السَّأم والإكتئاب وسنجد أننا نبحث عن بيئة تفاعلية حتى وإن كانت افتراضية وبوجود هذه البيئة سنظل مُعرضين للتشتُّت والإلتهاء طوال الوقت مما يجعلنا بحاجة لمجاهدة أنفسنا على الإلتزام أيضاً طوال الوقت.. سأعطيك مثالاً آخر ينفي وجود المثالية لدى بني البشر وهو أن أشدَّ الناسِ إيماناً بالله وأكثرهم طاعةً وذكراً يقع من حين لآخر في معاصي غير راضٍ عنها فيستغفر ويعود إلى الله كلما تكررت زلّاته ولهذا تحديداً شرع الله التوبة لأنه يعلم سبحانه أن أنفسنا أمارةٌ بالسوء فهو الخالق لها والمطلع عليها وجميعنا في هذه النقطة سواء.. أنفسنا هي عدونا الأول ضد الإلتزام لأنها تحب اللهو والترفيه وتركض خلف المغريات وتنجذب إليها ومن الأذكارِ اليومية ما يقال فيه (( أعوذ بك من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه )) الإنسان يتعوذ من نفسه كما يتعوذ من الشيطان يا صديقي! لهذا دعني أقول أنَّك مهما طبَّقت من نصائح حتى وإن جنيتَ ثمارها بعضَ الوقت فكن مُستعداً للحظات السيئة والتحوُّلات المفاجئة التي تحدث من حينٍ لآخر وتجعلُك تحيد عن الطريق القويم الذي لطالما كنت تجاهد نفسك للبقاء عليه ، فلا تبتئِس وعُد مراراً لما يُحدثك به ضميرك ويُمليه عليك ولما عهدته حقاً وخيراً وفلاحاً وكُن على مقربةٍ من حقيقةِ نفسك وصاحبها واعلم أنها خُلقت ناقصةً لا تكتمل مهما سعت للكمال فلن تناله لأنه لخالقها سبحانه ولا أحدٌ سواه .. وأما إن كنت تبحثُ عن بعض النصائح العملية التي قد تساعدك بعض الشيء للتخلص من العادات السلبية عن طريق إحلال العادات الإيجابية محلها وتحقيق أكبر قدر من الإلتزام بها لأطول مدة ممكنة فيمكنني أن أقدِّم لك بعضها: أولاً عليكَ أن تضع نصبَ عينيك دائماً الفائدة العظمى والأثر الإيجابي العميق لهذه العادة الذي سيعود عليك ما إن إلتزمت بها ، فكلما تهاونت ذكرت نفسك به وعُدت إليها. ثانياً عليك بالتدرج في إدخال أي عادة جديدة وأن تضع قدراً ضئيلاً جداً للإلتزام به في البداية مهما غرّتك عزيمتك لتحقيق أكبر من هذا القدر فصدقني لن تدوم طويلاً وسرعان ما ستتحول إلى إحباط لأنك لما تستطع الإلتزام ، دعها تبدأ صغيرة وتنمو كما النبتة الصغيرة حتى تصبح ذات دعائم قوية لا تهتز بالريح العابثة. ثالثاً عليك بمتابعة تقدمك يومياً لا تعتمد على ذاكرتك أو هواك سجل إلتزامك حتى تستطيع التقييم والتطوير المستمر. رابعاً اربط العادات الجديدة بالعادات المتأصلة لديك والثابتة في يومك لأنها ستذكرك بالإلتزام وستجعلك تألف العادة الجديدة بسرعة وتفعلها في الوقت المخصص لها لا تدعها عائمة دون قيد اجعل قيدها هو العادات الثابتة. خامساً لا تشتت نفسك بإدخال عادات مختلفة لكل الجوانب في آنٍ واحد من الأفضل دائماً التركيز على الجوانب الأهم في البداية والعادات التي تخدم أهدافك الحالية حتى تشعر بفارق وتحسن ملموس.

إجابة من Shaima '✨️

تم النشر الثلاثاء، ٢٤ ديسمبر ٢٠٢٤

1 تعليق

إجابة رائعة، شيماء! لقد تناولتِ الموضوع بدقة وعُمق، ووضعتِ يدك على الأسباب الحقيقية التي تجعلنا نعاني من الالتزام. إن التأكيد على طبيعتنا البشرية والإقرار بأننا في صراع دائم مع أنفسنا هو أمر مهم للغاية. كما أن تقديمك لنصائح عملية وجوهرية يعتبر خطوة قيمة تساعد الأفراد في تعزيز التزامهم وتحقيق التغيير المنشود. استمرّي في مشاركة أفكارك المُلهِمة، فهي تُشجع الآخرين على السعي نحو الأفضل وإعادة تقييم عاداتهم. شكراً لك!

تم النشر الثلاثاء، ٢٤ ديسمبر ٢٠٢٤

لعرض الإجابة في فدني اضغط هنا

عندك مشكلة؟ محتاج استشارة؟ فدني مجتمع يساعدك في حل مشاكلك ويجيب عن أسئلتك