إجابة علي السؤال: ساعدوني اتحجب لوجه الله

الذي فعلته أختي الكريمة هو المطلوب شرعاً، وموقف والديك ليس بشرعي ولا قيمة له في ميزان الشرع، بل إنهما يأثمان؛ لأنهما يصدان عن سبيل الله تعالى ويمنعانك من التزام شرع الله، ولذلك أنا أتمنى أن تبيني لهما خطورة ما يفعلان وما يقولان، ولا مانع من الاستعانة ببعض الصالحين الفاهمين ليشرح لهما ويوضح أهمية الحجاب إذا كان لديكم قريب يتمتع بشيء من الفهم الشرعي الأصيل ويخشى الله ويتقه؛ لأن مسألة أن يرفض الناس شرع الله تعالى رغم أنهم من المسلمين مسألة خطيرة، ولذلك أنا أيضاً أطلب منك الدعاء لهما أن يشرح الله صدرهما الله تبارك وتعالى جعل رضا الناس مرهون برضاه هو، أما إذا لم يرض سبحانه فلا يمكن لأحد أن يكون لرضاه قيمة، فالذي افعليه أختي الكريمة فا هو عين الحق، والذي تطلبيه هو شرع الله تبارك وتعالى، وهذا أمرٌ لا رأي فيه لا للوالدين ولا لغيرهما؛ لأن الله تعالى قال: ((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ))[الأحزاب:36]، وقال جل وعلا: ((إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا))[النور:51] وقال تعالى: ((فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا))[النساء:65]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى. قيل: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى). نعم إن مقام الوالدين عظيم جدّاً في شرع الله، فقد قرن الله برهما والإحسان إليهما بتوحيده، كما قال تعالى: ((وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا))[الإسراء:23] وقال جل وعلا أيضاً: ((وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا))[النساء:36] ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بقوله: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) فلا يجوز لك أبداً أن تطيعي والدك أو والدتك أو كبيراً أو صغيراً في معصية الله تعالى، فالحجاب فرض عين على كل مسلمة، وهو ليس سنة من السنن حتى نقول من الممكن أن نجبرها بسنةٍ أخرى، وإنما أي امرأة مسلمة ليست محجبة فهي عاصية، وهي قطعاً مما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (صنفان من أمتي من أهل النار لم أرهما) وذكر منهما: (نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات). كما إني أوصيك أيضاً بالإحسان إليهما، وإكرامهما أكثر من ذي قبل؛ حتى لا يشعران بأنك قد تغيرت عليهما، أو أنك بسبب الحجاب قد أصبحت تعاملينهما بشدة وقسوة وجفاء؛ لأنه مع الأسف الشديد أن بعض الناس عندما يمنَّ الله عليه بالالتزام يُصبح لديه شيء من العنف أو القسوة أو الغضب أو العبوس الدائم، كما لو كان يظن أن هذا هو الدين، رغم أن هذا خطأ فادح، فالأصل أن دين الإسلام دين الرحمة ودين التواصل، ودين المحبة، ودين التقدير، ودين الاحترام، ودين العطف، خاصة مع الوالدين، فالله تبارك وتعالى أمرنا بالإحسان إلى الوالدين حتى وإن كانا على غير الإسلام، وفي ذلك يقول الله تبارك وتعالى: ((وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ))[لقمان:15]. أوصيك مع الالتزام بالحجاب كما ذكرت بالصبر الجميل، وأن تتواضعي لهما، وأن تخفضي لهما جناح الذل من الرحمة، وأن تصبري عليهما غاية الصبر، وأن تكثري من الدعاء لهما أمامهما ومن ورائهما، وأن تُحسني إليهما غاية الإحسان، فلعل الأمر ملتبس عليهم وهم لا يعرفون خطورة ما يفعلان، ولعلك بإحسانك إليهما وإكرامك لهما تغيري هذه النظرة، وتجعلينهما من أهل الجنة الذين يقبلون شرع الله ولا يرفضونه أسأل الله تعالى أن يعينك على ذلك، وأن يشرح صدر والديك لقبول الحق، وأن يعلماً بأن رضا الله من رضا الوالدين وسخط الله من سخطهما، هذا حق، ولكن هذا مشروط بأن لا يكون ذلك في معصية الله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس) ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

إجابة من مودة احمد

تم النشر الجمعة، ٣٠ يونيو ٢٠٢٣

0 تعليق

لعرض الإجابة في فدني اضغط هنا

عندك مشكلة؟ محتاج استشارة؟ فدني مجتمع يساعدك في حل مشاكلك ويجيب عن أسئلتك